وواقعت الجرم، علمنا أن المقصود بالعقوبة جملة الإنسان دون أعضاء الجسم.
فأما يد السارق فلم تكن علة قطعها أنه باشر بها السرقة، ألا ترى أنه لو دخل حرزا فأخرج منه بفمه دون يده ما يجب في مثله القطع قطعت يده، ولم يعتبر أخذه الشئ المسروق بفمه، وأيضا فلو أخذ في أول مرة بيده اليسرى قطعت يده اليمنى، وإذا سرق ثانية بعد قطع يده اليمنى قطعت رجله اليسرى ولم تقطع يده اليسرى وإن باشر السرقة بها، وذلك على مذهب من يرى استيفاء الأعضاء الأربعة في تكرير السرقة، وهو مذهب الشافعي، فبان أنه لا يعتبر بقطع ما باشر أخذ السرقة من أعضاء الإنسان، وسقط ما اعتمد عليه بن قتيبة... " (60).
22 - في اجتماع الحدود على شارب الخمر قال: " ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في كلام طويل: (ولا يشرب أحدكم الحدود، وهو حين يشربها مؤمن) وهذا القول مجاز، والمراد بالحدود هاهنا الخمر، وإنما عبر عليه الصلاة والسلام بهذا الاسم عنها لأن إقامة الحدود تستحق بشربها، وليس هاهنا معصية ربما اجتمعت في الإقدام عليها حدود كثيرة غيرها، لأن السكران في الأكثر يقدم على استحلال الفروج، واستهلاك النفوس، وسب الأعراض، وقذف المحصنات، فيجتمع عليه حد السكر، وحد القتل، وحد الزنا، وحد القدف... " (61).
23 - في حد الزاني المحصن قال: " ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (الولد للفراش وللعاهر الحجر) وهذا مجاز على أحد التأويلين، وهو أن يكون المراد أن العاهر لا شئ له في الولد، فعبر عن ذلك بالحجر...
وأما التأويل الآخر.... فهو أن يكون المراد أنه ليس للعاهر إلا إقامة الحد عليه، وهو الرجم بالحجار... وهذا إذا كان العاهر محصنا، فإن كان غير محصن فالمراد