لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ٨٦
الزبير بن العوام، وقال له: " امض مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) في هذا الوجه " فمضيا وأخذا على غير الطريق، فأدركا المرأة، فسبق إليها الزبير، فسألها عن الكتاب الذي معها، فأنكرته وحلقت أنه لا شئ معها وبكت، فقال الزبير: ما أرى يا أبا الحسن معها كتابا، فارجع بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله لنخبره ببراءة ساحتها، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام:
يخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن معها كتابا ويأمرني بأخذه منها، وتقول أنت إنه لا كتاب معها، ثم اخترط السيف (1) وتقدم إليها، فقال: أما والله لئن لم تخرجي الكتاب لأكشفنك، ثم لأضربن عنقك، فقالت له:
إذا كان لا بد من ذلك فأعرض يا بن أبي طالب بوجهك عني، فأعرض بوجهه عنها، فكشفت قناعها، وأخرجت الكتاب من عقيصتها، (2) فأخذه أمير المؤمنين عليه السلام وصار به إلى النبي صلى الله عليه وآله، فأمر أن ينادي بالصلاة جامعة، فنودي في الناس، فاجتمعوا إلى المسجد حتى امتلأ بهم، ثم صعد النبي صلى الله عليه وآله المنبر، وأخذ الكتاب بيده، وقال: " أيها الناس إني كنت سألت الله عز وجل أن يخفي أخبارنا عن قريش، وإن رجلا منكم كتب إلى أهل مكة يخبرهم بخبرنا، فليقم صاحب الكتاب. وإلا فضحه الوحي " فلم يقم أحد، فأعاد رسول الله صلى الله عليه وآله مقالته ثانية وقال: " ليقم صاحب الكتاب، وإلا فضحه الوحي " فقام حاطب بن أبي بلتعة وهو يرعد كالسعفة في يوم الريح العاصف، (3) فقال: أنا يا رسول الله صاحب الكتاب، وما أحدثت نفاقا بعد إسلامي، ولا شكا بعد يقيني، فقال له
____________________
1 - 2 - 3 - اخترط السيف: استله من غمده. والعقيصة: خصلة تأخذها المرأة من شعرها فتلويها ثم تعقدها حتى يبقى فيها التواء ثم ترسلها... ويقال: هي التي تتخذ من شعرها مثل الرمانة، وكل خصلة منه عقيصة. والسعف: جريد النخل، وقيل: ورقه، وأكثر ما يقال إذا كان يابسا فإن كان رطبا فهو شطبة، الواحدة سعفة، تقول: قطع أغصان النخلة شطبها وسعفها. " أقرب الموارد ".
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»