لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ٥٥
على مثل هذا الكلام. (1) وحكى الأصمعي: أنه سمع جارية تتكلم بعبارة فصيحة وإشارة بليغة وهي خماسية أو سداسية، وهي تقول: استغفر الله من ذنوبي كلها، فقال لها: مم تستغفرين ولم يجر عليك قلم، فقالت: أستغفر الله لذنبي كله - الأبيات، فقال لها: قاتلك الله ما أفصحك، فقالت: أو يعد هذا فصاحة بعد قوله تعالى: " وأوحينا إلى أم موسى أن ارضعيه، الآية " (2) فجمع في آية واحدة بين أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين (3).
وبالجملة: فعجز الفصحاء والبلغاء - من العرب وغيره - عن الإتيان بمثله أمر ثابت، واعتراف عظمائهم وكبرائهم بذلك، و تصريحهم بأن القرآن بلغ في الفصاحة والبلاغة إلى حد لن تناله يد المخلوق، معلوم بالنقل المتواتر، وكلماتهم وأقوالهم في هذا الباب مضبوطة في الدفاتر، غاية الأمر أن منهم من جحد الحق عنادا وكبرا كالوليد المتقدم وأضرابه ممن تعامى عن الحق بعد أن أبصر وأدرك، وقد قال تعالى في حق أمثالهم: " وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا " (4) ومنهم من اهتدى به وآمن، كلبيد الشاعر صاحب
____________________
1 - 3 - الشفاء للقاضي عياض، وشرحه لعلي القاري، ج 1، ص 551 - 552 - 553. - والسيرة الحلبية، جزء 3، ص 314. - والسيرة الدحلانية المطبوعة بهامش السيرة الحلبية المذكورة، جزء 3، ص 108. - والصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم لعلي بن يونس العاملي النباطي، جزء 1، ص 43، ط طهران، سنة 1384 ه‍. والأصمعي على ما في شرح الشفاء وغيره: وهو عبد الملك بن أصمع البصري، صاحب اللغة والغريب والأخبار والملح، ولد سنة 123 ه‍.
2 - سورة القصص، آية 7.
4 - سورة النمل، آية 14.
(٥٥)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»