لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ٦٠
وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به جماعتهم، وسفهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم ودينهم، وكفرت به من مضى من آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله، قل يا أبا الوليد، أسمع، فقال: يا بن أخي إن كنت تريد بما جئت به من هذا الأمر ما لا جمعنا [لك] من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد شرفا سودناك علينا حتى لا تقطع أمرا دونك، وإن كنت تريد ملكا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا (1) من الجن تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع (2) على الرجل حتى يداون، (3) حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله صلى الله عليه وآله يسمع منه، قال:
أقد فرغت يا أبا الوليد؟ قال: نعم، قال: فاسمع مني، قال:
افعل، قال صلى الله عليه وآله: " بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرانا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون " (4) ثم مضى رسول الله صلى الله على وآله فيها، فقرأها عليه وقد أنصت عتبة لها، وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يسمع منه، ثم انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى قوله تعالى: " فإن اعرضوا
____________________
1 - الرءى: جني يرى فيحب، وبه رءي من الجن: أي مس. " أقرب الموارد ".
2 - التابع: اسم فاعل، و- الجني يتبع الإنسان حيث ذهب. " أقرب الموارد ".
3 - الظاهر أن لفظة: يداون من خطأ الطبع، والصيحح كما في السيرة النبوية لابن هشام: يداوى، ولو كانت صحيحة فنونها للتأكيد.
4 - سورة فصلت، آية 1 - 2 - 3 - 4.
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»