لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ٨
عن الماهية، الذي كان وجود الموجودات ذوات الماهيات بأسرها من شؤون ذاته وآثاره، وأفعاله، ورحمته الواسعة، المعبر عنها بالفيض المقدس المنبسط على الماهيات، بمقتضى حب ذاته، وعلمه الكمالي الذي هو عين ذاته.
وبعد ما ثبت بهذه الوجوه والطرق، كون العالم الجسماني، ذا مبدء، خالق، قادر، حكيم، منزه عن كونه جسما وجسمانيا، أعني أمرا وقوة حالة في جسم، فهو منزه عن صفات الأجسام وخواصها و عوارضها، من المكان، والزمان، والحد، والقرب والبعد المكانيين، بل هو محيط بظواهر الموجودات وبواطنها، بالعلم والقدرة، علما شهوديا، لا صوريا - خياليا أو عقليا - لأنه يدرك جميع الأشياء ويشاهده بذاته، ولذلك لا يثقل حفظ الموجودات عليه تعالى، لأن كل الموجودات صور علمية له، قائمة بذاته قياما صدوريا، والمعلوم لا يثقل على العالم به، كما قال سبحانه في الكتاب الكريم: " ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم (1) وقال " إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده " (2).
ولخلوصه عن شوب الماهية التي هي ظلمة في ذاتها، وصرافته في النورية، لا ثاني له، لأنه كلما فرض له ثان ونظر إليه فهو هو، لأن إلا ثنينية تحتاج إلى الامتياز، ولا امتياز، فهو أحد واحد لا نظير له، ويمتنع بحكم العقل أن يكون متعددا، كما أن مركز الدائرة لا بد أن يكون واحدا، وإلا كان غير ذلك الواحد خارج المركز، لا مركزا، كما قرر في محله.

1 - سورة البقرة آية 255.
2 - سورة فاطر آية 41.
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»