لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ١٤
بعدها، كما قال به بعض الفلاسفة: وهو ذيمقراطيس، فان مذهبه أن مبادئ العالم، أجرام صغار صلبه غير منقسمة، متفقة في الطبيعة، مختلفة في الأشكال، وحيث أن الأجسام مع اتحادها في الجسمية المشتركة، لا يمكن أن تكون مختلفة في الطبيعة والآثار، أسند اختلاف كليات الأجسام من المائية، والنارية، وغيرهما، باختلاف أشكالها. ببيان: أن الأجزاء الكروية الشكل مبادئ للماء، والمثلثات منها للنار، وهكذا. ورد بأن اختلاف تلك الأجرام في الأشكال مع اتحادها في الطبيعة المشتركة ممتنع.
وقد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في خطبة له: " لم يخلق الأشياء من أصول أزلية، ولا من أوائل كانت قبله (أي قبل خلق الأشياء) بدية، بل خلق ما خلق، وأتقن خلقه، وصور ما صور، فأحسن صورته " (1) بل المراد من هذه الأصول، والفروع الموجودة بعدها:
أنه تعالى، أوجد في العالم السفلي، ما يشابه ويماثل في الماهية، لما أوجده في العالم الأعلى، كما في القرآن " وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم " (2) وليس المراد من هذه الخزائن، أن هذا الشيء مع أمثاله بهذه الكيفية، موجود في عالم الفوق، كما هو واضح، بل المراد منها: أن هذا الشئ وغيره موجود في ذلك العالم بصورة أخرى، إذا تنزلت - أي وجدت في هذا العالم - يصير ذلك الشئ كالكلي المنطقي مع أفراده، وخاتم ينطبع منه أمثال ما هو منقوش فيه، في محال من القراطيس، وغيرها، وهو على حاله، وفي مكانه، وتلك
____________________
(1) أورده المجلسي قده في بحار الأنوار (كتاب التوحيد) باب جوامع التوحيد، نقلا عن كتاب التوحيد للصدوق.
(2) سورة الحجر آية 21.
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»