لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ١٢٠
واصلا لنا عسا من لبن، (1) ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أبلغهم ما أمرت به " ففعلت ما أمرني به، ثم دعوتهم له، وهم يومئذ أربعون رجلا - يزيدون رجلا أو ينقصونه - فيهم أعمامه، أبو طالب وحمزة، والعباس، وأبو لهب، فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعته، فجئت به، فلما وضعته تناول رسول الله صلى الله عليه وآله حذية من اللحم، (2) فشقها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصحفة، (3) ثم قال: " خذوا باسم الله " فأكل القوم حتى ما لهم بشيء حاجة، وأيم الله أن كان الرجل الواحد منهم ليأكل مثل ما قدمت لجميعهم، ثم قال: " اسق القوم " فجئته بذلك العس، فشربوا حتى رووا جميعا، وأيم الله أن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله، فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكلمهم، بدره أبو لهب فقال: سحركم صاحبكم، فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال الغد: " يا علي، إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول، فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فعد لنا من الطعام مثل ما صنعت، ثم اجمعهم " ففعلت ثم جمعت، فدعاني بالطعام، فقربته، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا وشربوا، ثم تكلم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال:
" يا بني عبد المطلب، إني قد جئتكم بخيري الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على أمري هذا ويكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم " فأحجم القوم عنها جميعا، (4) فقلت وأنا أحدثهم
____________________
1 - 2 - 3 - العس بالضم: القدح الكبير. والحذية بالكسر: قطعة من اللحم قطعت. والصحفة: قصعة كبيرة منبسطة تشبع الخمسة، ج صحاف، قال الكسائي:
أعظم القصاع، الجفنة، ثم القصعة تشبع العشرة، ثم الصحفة تشبع الخمسة، ثم المكتلة تشبع الرجلين والثلاثة، ثم الصحيفة (مصغرا) تشبع الرجل. " أقرب الموارد ".
4 - أحجم فلان عن الشيء: كف أو نكص هيبة. " أقرب الموارد ".
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»