وأبو بكر من الرجال الذين دخلوا البيت الهاشمي وخرجوا منه صفر اليدين من العقب وهم ألد خصوم علي وفاطمة عليهما الصلاة والسلام اللذان امتازا بعترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووصاياه وكراماته بالكتاب والسنة وجمعتهم جميعا نفس الأسباب والخيبات التف حولهم الجماعات النائية التي كانت قبل هذا تحارب الإسلام في حرب الأحزاب كالمغيرة بن شعبة وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد والأمويين وأضرابهم من الانتهازيين الذين تهافتوا كتهافت الضواري على الاسلاب في ساحة القتلى والأشلاء المترامية، والذئاب الجائعة المفترسة كل ينهش نهشة فهذا خالد وأعماله السفاحة المنكرة على المسلمين باسم الردة وهم لا يهمهم نشر الدين والمعارف الإسلامية وكلمة التوحيد بقدر ما يهمهم نهمهم وأمور دنياهم كما ثبت فيما مر وهذا عثمان في المدينة يشد أزرهم بالتفافه حول أبي بكر وعمر وذلك أبو سفيان المذبذب بين الخليفة والشام والصارخ ببني عمومته وأولاده بالتأهب واقتناص أعظم ما يمكن اقتناصه والفرصة السانحة. وما يريد أبو بكر أكثر من هذا التأييد لحزبه ومثله عمر ومن يسدد خطاه للضربات القاصمة لعلي عليه الصلاة والسلام وصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الواقفين على الحقائق أشد وأعظم من هؤلاء وهم أنداد البيت الهاشمي وهذا عثمان يحمل نفس عقيدتهم ونفس الكبت الذي شعروه من بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخيبات الأمل المتتالية التي وجدوها في الحروب والكرامات التي كانت من نصيب علي عليه السلام وحده في بدر والأحزاب وأحد وحنين وخيبر وغيرها زواجه من بضعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المحبوبة وعترته التي أصبحت عترة رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم وقد بلغوا ما أرادوا واليوم يقومون بتصفية الحساب وهم يعلمون ما لعلي وآل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الحب في قلوب العامة وأخص منهم الصحابة، فما عليهم إلا العمل سرا والكتمان رائدهم وخصوم آل الرسول أعوانهم وهكذا كان حتى إذا دنت وفاة أبي بكر وأراد كتابة العهد وافته السكرات وغشي على أبي بكر أكمل عثمان العهد بوضع اسم عمر وهنا أحرز قصب
(٣٠٨)