شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٢٦٥
وما أثر ذلك في الأمة الإسلامية؟
نعم: الأعاجم الذين هم غير العرب هم الذين ينتسبون لمختلف الملل والنحل الغير العربية من أسودها وأبيضها وأصفرها وأسمرها وأحمرها، ولا شك وأن الأعاجم سواء من كان منهم قبل الإسلام ومن جاء بعدهم هم الذين ينطقون بلغة غير اللغة العربية التي لا يدركها العربي وفيهم الشعوب والطوائف المتمدنة والعريقة وفيهم ذوو الحضارات الراقية الأصيلة من أقباط ويونان ورومان وفرس وهنود وصين وأحباش وغيرهم وكان عندهم العلم والثروة والقدرة والعدة والعدد، وكان بيدهم أقطار أوسع وأرقى وأزهى وأثرى مما هي عند العرب ولكل منهم أنساب وأحساب يتفاخرون بها وتعتز الواحدة على الأخرى. وعند ظهور الإسلام كانت الأمة العربية في الجزيرة العربية وأطرافها أمة مستضعفة فقيرة من حيث الثروة والقوة الاقتصادية والثروة العلمية والوضع الاجتماعي، فجاء الإسلام وجاءت تعاليمه العظيمة على يد سيد الرسل صلى الله عليه وآله وسلم رحمة للعالمين أجمع.
لنشر السلام والسعادة والرحمة والعدالة الاجتماعية والبر والإحسان والخلق السامية ونشر المعارف والعلم والحكمة ونبذ الحزازات والتنابزات القائمة بين الأمة الواحدة والشعب الواحد والشعوب والأمم وبين الأفراد والجماعات مهما كانت وأنى كانت ووضع لها جميعا أسس وقواعد بعيدة الغور في المعنى والمغزى تشيد منها جميعا أمة واحدة إنسانية مبناها على القسط والمساواة والرحمة والشفقة الإنسانية والعقل السامي والمنطق السليم والنبل والخلق الفاضلة والابتعاد عن الرذائل والأدناس والعداوة والخصومات ومن تلك الأصول المتينة التي لم يسبق الإسلام بها سابق والتي هي إحدى الأصول الاجتماعية التي تحققت وجمعت البشر في قالب واحد متراص متضامن متحاب متماسك، وفيها الأساس المتين لحقوق الإنسان هي الآيات 10 و 11 وأخص 13 من سورة الحجرات. المارة أعلاه.
ترى فيها الحكمة البالغة والاستدلال المتين والمنطق القويم حينما ننسب الكل
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»