شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٢٣٥
تركت الدين والإسلام لما * بدت لك غدوة ذات النصيف وراجعت الصبا وذكرت لهوا * من القينات في العمر اللطيف لا أحسب أي فرد يخالجه أي شك من وثوق عمر بزنا المغيرة وإنه حاباه وبدل الحد على الشهود وهذا أبا بكرة الصحابي يؤخذ بأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وعمر بلا أدنى ارتياب لما أيقن من عمل زناء المغيرة عرف صدق الشهود ولكن وهو الذي يجلد على الشك كما مر هنا استعمل وجاهر بالمحاباة لما أسمع زياد الشاهد الرابع قوله: إني أرى رجلا لن يخزي الله على لسانه رجلا من المهاجرين.
فهل تجد أن زياد امتنع عن آخر ما كان وهو ولوج الميل بالمكحلة وقد كنى بها والكناية هنا أبلغ من التصريح. وهل كانت الشهادة في القبح التي يحد بها حد الزنا والتعزير الشديد أو عزله. ولكن لا فهذا صاحبه في أمر السقيفة الذي أيده بالغصب وقوى عزيمته وأيد نواياه وعمر من أولئك الذين لا يتركون شيعتهم في ساعة العسرة مهما كان الأمر لذا تراه يلوح لزياد هذا إن لم يوحي بها هو أو آخرين ممن ينتصرون له ولحزبه، وهذا زياد يلعب لعبته على قدر ما يرضي بها الخليفة المتشبث لأعور ثقيف وما أسرع أن يلقي التبعة على الشهود البؤساء ويقول للمغيرة أن يقيم عليهم الحد ويرفع مقامه من والي البصرة المحدودة إلى والي الكوفة الواسعة المرموقة. ولا يبالي بمن قال وما قيل وما هذه إلا عفطة عنز أمام تغييره للنصوص واجتهاده وآراءه وأحكامه المخالفة للكتاب والسنة. نعم انظر إلى استعطاف عمر لزياد وهو يقول له: أرجو أن لا يرجم رجل من المهاجرين ويخزى بشهادته كما جاء في فتوح البلدان للبلاذري ص 353. فما معنى هذا الرجاء، وإن زيادا ما نفى التهمة عن المغيرة وأم جميل بعد أن أبان أنه رأى ما رأى وما هو القذف فإن كان صادقا فقد كمل نصاب الحد وإلا كان يجب أن يحد زيادا أيضا بقذفه المغيرة وأم جميل. ولكن لا فزياد لا يجب أن يحد وقد لبى الرجاء بتغيير في اللفظ وإثبات المعنى وما هو القذف وهو يقول رأيت استاهما مكشوفان. وخصيتين مترددتين بين
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»