يعلمون) * (١) فأجابهم يوسف على الفور بدون أن يتخلل الجواب توجيهات وإرشادات تضمنتها رسالته كما في الجواب الأول مما يدل على أن يوسف ينتظر ذلك السؤال حتى يصل فيه إلى سدة الملك ويرث الرسل في قيادة المجتمع فأجابهم:
* (قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون) * * ﴿ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون﴾ (2) وكما هو واضح جواب مباشر على الرؤيا من دون أن يتخلله أي كلام، لأن هذا الجواب كان موجها للملك وشأن الملوك إنكار الدعوات الطارئة في المجتمع، فأراد يوسف أن يبين للملك مقدرته على تفسير الرؤيا وخلاص قومه مما ينتظرهم من تلك الكوارث الاقتصادية التي تصيب الشعوب على حين غفلة عادة، فرسم لهم في جوابه خطة اقتصادية تنقذهم من الهلاك وما أن سمع الملك الجواب رد عليه:
* (وقال الملك إئتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم) * * (قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاشى لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين) * * (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين) * * (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم) * (3) فاستغل يوسف الفرصة ليهيئ لنفسه الأجواء كاملة للقيادة واستلام المنصب الريادي في الدولة، استغله ليعلن عن براءته من السجن الذي أودع فيه، ومن الاتهامات التي وجهت إليه، فقال لرسول الملك ارجع إلى ربك وقل له ليتفحص الأمر ويبث في القضية التي من أجلها سجنت وما أن سمع الجواب أرسل وراء النسوة فلم يستجوبهن كثير حتى اعترفن بخطيئتهن في مراودة يوسف واعترفت امرأة العزيز أمام الملأ بأنها راودته عن نفسه فلم يستجب لها، ومن ذلك نستل درسا جديدا من حياة الأنبياء (عليهما السلام) ألا وهو مواصفات القائد الرسالي فلا بد أن يكون نزيها طاهرا