وحدانية الصانع عز اسمه * (يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار) * (1) فهو يرددهم بين اللا مركزية في إصدار القرار وبين مركزية إصدار القرار إن صح التعبير، فيقول لهم أيها أفضل الله الواحد الأحد الفرد الصمد أم أرباب متفرقون لا يعلم أحدهم بفعل الآخر، وهدفه من ذلك أن يبذر بذرة الشك في نفوسهم حتى تنبت ويخرجون بها إلى الناس ثم قال * (ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون) * (2) ما هذه الأرباب والأصنام إلا ضلالات ابتدعتموها أنتم وملأتم بها عقولكم الفارغة فهي ضلالات لم يأمر الله بها ولا تقربكم إلى الله ولا دليل عليها لا من العقل ولا من النقل وأما حكم هذا الكون وتدبيره يرجع إلى أمر الله فيه، فهو الذي يسن السنن ويرسم لنا معالم الدين ليكون دينا قيما حاكما على الناس، فهذه هي الكلمات الأولى التي أطلقها يوسف (عليه السلام) عما يحمل هو في داخله من دعوة إلى مجتمعه، أطلقها وهو في سجنه الذي أودع فيه ظلما وعدوانا وما أن أكمل تلك النفحات الإلهية في تبليغه شرع في تأويل أحلام صاحبه في السجن فقال لهم:
* (يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضي الأمر الذي فيه تستفتيان) * (3) قضي الأمر وإن كان أحد من هؤلاء كاذب في رؤياه، وبالنتيجة مثلما قال لهم يوسف عندما خرجا من السجن لاقيا مصيرهما الذي حدده إليهما يوسف فهذه واحدة من البينات التي جاء بها (عليه السلام).
يوسف يرسم الخطة الاقتصادية