سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ٩٥
يوسف وامرأة العزيز * (ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين) * * (وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون) * * (ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السواء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدا الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم) * * (قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين) * * (فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين) * (1) .
إنها قصة كاملة بقوالب لفظية تكشف لنا عن حقيقة الموقف الذي سيطر على الأجواء الخانقة التي كانت في ذلك المكان، يوسف وامرأة العزيز، هذه المرأة التي تابعت وأشرفت على كل المراحل التي اجتازها يوسف في حياته منذ أن دخل بيتها وحتى هذه اللحظة التي راودته بها عن نفسها، فيا لها من قصة تصور لنا مدى الحب الذي تكنه هذه المرأة ليوسف (عليه السلام) بحيث أعدت العدة وغلقت الأبواب وهيأت الأجواء ليوسف (عليه السلام) حتى يتركب الفاحشة فقال لها * (معاذ الله) * معاذ الله من كل سوء وفحشاء * (إنه ربي أحسن مثواي) * ونحن هنا لسنا مفسرين وبحثنا ليس بحثا تفسيريا بقدر ما هو تحديد لمواقف الأنبياء وسياستهم في الحياة مع من يتعامل معهم فلا نريد الخوض في معركة ارجاع الضمائر، فالمهم هو يوسف (عليه السلام) ذلك الهارب من الفحشاء والسوء إلى رحمة ربه فقال لها * (معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين) * (2) فيا عجبا لبعض المفسرين الذين يحاولون أن يتهموا يوسف في هذه المواقف ولكن " ما أحسن من قال من بعض أهل التفسير في ذم أصحاب هذا القول (قول اتهام يوسف بالهم في المعصية) إنهم يتهمونه (عليه السلام) في هذه الواقعة وقد شهد ببرائته

(١) يوسف: ٢٢ - ٢٣ - ٢٤ - ٢٥ - ٢٦ - ٢٧ - ٢٨ - ٢٩.
(٢) يوسف: ٢٣ - 24.
(٩٥)
مفاتيح البحث: الشهادة (2)، العزّة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»