وإذا كان المؤمن يرى ربه بمشاهدة البصر، فان كل من جاز عليه البصر والرؤية فهو مخلوق، ولا بد للمخلوق من خالق، فقد جعلته إذا محدثا مخلوقا، ومن شبهه بخلقه فقد اتخذ مع الله شريكا.
ويلهم، ألم يسمعوا لقول الله تعالى (لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير)، وقوله لموسى: (لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا) وانما طلع من نوره على الجبل كضوء يخرج من سم الخياط فدكدكت الأرض وصعقت الجبال وخر موس صعقا أي ميتا (فلما أفاق) ورد عليه روحه (قال سبحانك تبت إليك) من قول من زعم أنك ترى ورجعت إلى معرفتي بك:
أن الابصار لا تدركك (وأنا أول المؤمنين) بأنك ترى ولا ترى، وأنت بالمنظر الاعلى.
وفي التوحيد باسناده عن علي (ع) في حديث: وسأل موسى وجرى على لسانه من حمد الله عز وجل: (رب أرني أنظر إليك) فكانت مسألته تلك أمرا عظيما، وسأل أمرا جسيما، فعوتب، فقال الله عز وجل: (لن تراني) في الدنيا حتى تموت وتراني في الآخرة، ولكن إن أردت أن تراني (فانظر إلى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني) فأبدى الله بعض آياته وتجلى ربنا للجبل فتقطع الجبل فصار رميما (وخر موسى صعقا) ثم أحياه الله وبعثه، فقال: (سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين) يعني أول من آمن بك منهم بأنه لا يراك.
وننتهي من هذا إلى أن السيد الطباطبائي أفاد رأيه المذكور في الرؤية بأنها رؤية قلبية، وتتحقق للمؤمن يوم القيامة من هاتين الروايتين فقد نصت الرواية الأولى على أنها رؤية قلبية، ونصت على نفي أن تكون بصرية.
ونصت الرواية الثانية على أنها ستكون في الآخرة.
وفي هدي هذا التفسير المذكور لي اقتراح أعرضه بكل صدق وحسن نية وخلوص أمنية لتوحيد الرأي الاسلامي في المسألة، وهو:
1 - أن يطرح الأشاعرة اعتمادهم على أحاديث الرؤية البصرية لأنها - ومن غير