فهذا ما يبينه كلامه سبحانه، ويؤيده العقل بساطع براهينه، وكذا ما ورد من الاخبار عن أئمة أهل البيت (ع) على ما سننقلها ونبحث عنها...
والذي ينجلي من كلامه تعالى ان هذا العلم المسمى بالرؤية واللقاء يتم للصالحين من عباد الله يوم القيامة، كما يدل عليه ظاهر قوله تعالى (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة).
فهناك موطن التشرف بهذا التشريف، وأما في هذه الدنيا والانسان منشغل ببدنه، ومنغمر في غمرات حوائجه الطبيعية وهو سالك لطريق اللقاء والعلم الضروري بآيات ربه كادح إلى ربه كدحا ليلاقيه، فهو بعد في طريق هذا العلم لن يتم له حتى يلاقي ربه، قال تعالى (يا أيها الانسان انك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه) - الانشقاق 6 -.
وفي معناه آيات كثيرة أخرى تدل على أنه تعالى اليه المرجع والمصير والمنتهى، واليه يرجعون واليه يقلبون.
فهذا هو العلم الضروري والخاص الذي أثبته الله تعالى لنفسه، وسماه رؤية ولقاء.
ولا يهمنا البحث عن أنها على نحو الحقيقة أو المجاز، فان القرائن - كما عرفت - قائمة على إرادة ذلك، فان كانت حقيقة كان قرائن معينة، وان كانت مجازا كانت صارفة.
والقرآن الكريم أول كاشف عن هذه الحقيقة على هذا الوجه البديع، فالكتب السماوية السابقة - على ما بأيدينا ساكتة عن اثبات هذا النوع من العلم بالله.
وتخلو عنه الأبحاث المأثورة عن الفلاسفة الباحثين عن هذه المسائل، فان العلم الحضوري عندهم كان منحصرا في علم الشئ بنفسه حتى كشف عنه في الاسلام.
فللقرآن المنة في تنقيح هذه المعارف الإلهية (1).