خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ٢٤٨
والأشعري لا يقول بان رؤية المؤمن لربه من نوع العلم الحضوري، ومع هذا - لو سلمنا - هي رؤية غير بصرية، فهي غير المتنازع فيه.
الخلاصة:
إن ما انتهت اليه الأدلة العقلية المفيدة لليقين في مداليلها، من إثبات الوحدانية المطلقة لله تعالى، يأتي قرينة على أن المراد بالآية الكريمة (لا تدركه الابصار) ما تدل عليه بظاهرها وهو نفي الرؤية البصرية مطلقا في الدنيا والآخرة وعاما لجميع مخلوقاته المبصرة.
وفي ضوئه تفسر الآية الكريمة (إلى ربها ناظرة) بما لا يتعارض والآية السابقة، كما تأولها النافون، فقالوا: إن المراد بها واحد مما يأتي:
1 - النظر البصري:
ولكن على تقدير حذف مضاف، مثل: (إلى ثواب ربها).
ويبرره وإن كان خلاف الأصل - إذ الأصل عدم التقدير - هو المفروغية من نفي الرؤية البصرية لمنافاتها لعقيدة الوحدانية.
2 - النظر القلبي:
ذهب اليه السيد الطباطبائي، قال في تفسير الآية (1): والمراد بالنظر اليه تعالى ليس هو النظر الحسي المتعلق بالعين الجسمانية المادية التي قامت البراهين القاطعة على استحالته في حقه تعالى.
بل المراد النظر القلبي ورؤية القلب بحقيقة الايمان على ما يسوق اليه البرهان، ويدل عليه الاخبار المأثورة عن أهل العصمة (ع)، وقد أوردنا شطرا منها في ذيل تفسير قوله تعالى (رب أرني انظر إليك) - الأعراف 143 - وقوله تعالى (ما كذب الفؤاد ما رأى) - النجم 11.

(1) الميزان 19 / 112.
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»