الله تعالى عليها جزاء طاعتها له في الدنيا.
ولقرينة (ووجوه يومئذ باسرة) بمعنى مقطبة ومعبسة لأنها تعتقد بأنها ستلاقي جزاء عصيانها داهية تكسر الفقر وتفصم الظهر.
وقد أفاد في تتبع معنى الرؤية في القرآن الكريم السيد الطباطبائي عند تفسيره قوله تعالى (رب أرني انظر إليك).
وانتهى في بحثه إلى نفي الرؤية البصرية في الدنيا والآخرة، وهو ما دلت عليه آية (لا تدركه الابصار)، واثبات الرؤية القلبية التي تتحقق للمؤمن وفي الآخرة فقط.
قال: قوله تعالى: (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال: لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين) - الأعراف 143 - والذي يعطيه التدبر فيها أن حديث الرؤية والنظر الذي وقع في الآية إذا عرضناه على الفهم العامي المتعارف حمله على رؤية العين ونظر الأبصار.
ولا نشك ولن نشك أن الرؤية والابصار يحتاج إلى عمل طبيعي في جهاز الابصار يهيئ للبصار صورة مماثلة لصورة الجسم المبصر في شكله ولونه.
وبالجملة:
هذا الذي نسميه الابصار الطبيعي يحتاج إلى مادة جسمية في المبصر والباصر جميعا، وهذا لا شك فيه.
والتعليم القرآني يعطي إعطاء ضروريا أن الله تعالى لا يماثله شئ بوجه من الوجوه البتة، فليس بجسم ولا جسماني، ولا يحيط به مكان ولا زمان، ولا تحويه جهة، ولا توجد صورة مماثلة أو مشابهة له بوجه من الوجوه في خارج ولا ذهن البتة.
وما هذا شأنه لا يتعلق به الابصار بالمعنى الذي نجده من أنفسنا البتة، ولا تنطبق عليه صورة ذهنية لا في الدنيا ولا في الآخرة ضرورة، ولا أن موسى ذاك النبي العظيم أحد الخمسة أولي العزم وسادة الأنبياء (ع) ممن يليق بمقامه الرفيع وموقعه الخطير أن يجهل ذلك، ولا أن يمني نفسه بان الله سبحانه ان يقوي بصر الانسان على أن يراه