خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ٢٤١
وكما لحظ أن السبب الجوهري في الاختلاف هو الاختلاف في المنهج المتبع في البحث.
إذا لا بد من تسليط الضوء على المنهج، وهو يقتضينا دراسة ثلاث نقاط هامة، اثنتان منها عامتان وهما:
1 - حجية العقل في اثبات أصول الدين.
2 - حجية خبر الواحد في اثبات أصول الدين.
والثالثة خاصة، وهي:
3 - تحديد مفهوم الرؤية في المسألة.
أما النقطتان الأوليان:
فالسلفية وأهل الحديث، هم أكثر أهل السنة تشددا في رفض العقل امام خبر الواحد المتلقى بالقبول، فقد روي عن الإمام ابن حنبل أنه قال: لا نتعدى القرآن والحديث (1).
وقال ابن قاضي الجبل - شيخ الحنابلة في عصره -: مذهب الحنابلة أن أخبار الآحاد المتلقاة بالقبول تصلح لاثبات الديانات (2).
وادعى ابن عبد البر المالكي الاجماع على جواز العمل بأخبار الآحاد في أصول الدين.
وذلك لأن الخبر الواحد الذي تتلقاه الأمة بالقبول تصديقا له، وعملا به يفيد العلم عندهم.
والمسألة ليست بما اجمعوا عليه، ففي إفادة خبر الواحد العلم أو الظن، وكيفية افادته ذلك، لعلماء السنة عموما فيه خلاف، تعرضت له كتب أصول الفقه.
وفي جواز العمل به في أصول العقيدة خلاف آخر، حتى عند الحنابلة، فقد ذهب

(1) شرح الكوكب المنير 2 / 352.
(2) م. ن.
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»