خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ٢٤٧
الحديث ليس سماعا ورواية فقط، وإنما هو رواية ووعاية.
وما أروع ما جاء عن أمير المؤمنين (ع) يذكر أهل البيت (ع):
عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية، لا عقل سماع ورواية، فان رواة العلم كثير ورعاته قليل.
وكما أسلفت : ان رد الفعل عند أهل السنة ضد المعتزلة كان قويا فمال إلى شئ من التطرف في الموقف.
4 - ان ما استدل به لاثبات الرؤية الادراكية من أحاديث البخاري القائلة بان رسول الله (ص) كان يرى من خلفه كما يرى من أمامه - على تقدير صحتها - لا تفيد في اثبات الرؤية الادراكية يوم القيامة، لأنه قد تكون هذه الرؤية خاصة به (ص) لنبوته أو لسبب آخر، كما هو بين من تخصيصها به في الحديث، وتخصيص ورود الأحاديث به وحده (ص).
5 - ان الدليل الأول من أدلة الأشعري العقلية يقوم على أساس مقايسة وجود الله تعالى بموجوداته سبحانه.
وهو قياس مع الفارق لأن وجوده تعالى وجود صرف بسيط مجرد، ووجود مخلوقاته ليس كذلك.
مضافا اليه:
انه ليس كل موجود جائز أن يريناه الله تعالى لأن من الموجودات ما لم تتوفر فيه شروط الرؤية كالمجرات والموجودات غير الكثيفة.
وليس هذا من باب العجز في الفاعل، وانما هو من باب النقص في القابل.
ففي الدليل شئ من المغالطة.
6 - وينسق عليه دليله الثاني في قيامه على المغالطة، لأن رؤية الباري لنفسه ليست رؤية بصرية، والمتنازع فيه هو الرؤية البصرية.
ذلك ان رؤية الله تعالى لنفسه - ان صح التعبير - هي علمه بذاته، وهو علم حضوري.
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»