وعليه لا بد من تقييده بما يتناسب وعدل الله تعالى وحكمته، وهو أن يكون المراد: أمرنا المترفين بأوامر الصلاح والعدل والاحسان فخالفوا أوامر الحق وفسقوا (1).
وكما قلت، فإننا إذ رحنا نلملم معاني (أمر) من مظانه في كتب اللغة والأدب سنجد أن من معاني (أمر): (كثر) من التكثير والكثرة.
قال أبو علي القالي في أماليه: وأنشدنا أبو زيد:
أم جوار ضنئوها غير أمر ضنئوها:
نسلها.
وأمر المال وغيره يأمر أمرة وأمرا إذا كثر، قال الشاعر:
والأثم من شر ما يصال به * والبركات لغيث نبته أمر ويقال في مثل: (في وجه مالك تعرف أمرته) وأمرته، أي نماءه، وقال الله تعالى (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها) أي كثرنا، وقال أبو عبيدة:
يقال: خير المال نخلة (2) مأبورة أو مهرة مأمورة:
فالمأمورة: الكثيرة الولد، من آمرها الله. أي كثرها (3).
وفي مجاز القرآن لأبي عبيدة: وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها: أي أكثرنا مترفيها، وهي من قولهم: قد أمر بنو فلان، أي كثروا، فخرج على تقدير قولهم: علم فلان وأعلمته أنا ذلك، قال لبيد:
كل بني حرة قصارهم * قل وان أكثرت من العدد إن يغبطوا يهبطوا وأن أمروا * يوما يصيروا للهلك والنفد (4).