ذلك ان الحضارة الاسلامية مرت منذ انبثاقها في عصر الرسالة حتى نضج الفكر الاسلامي العلمي التقنيني في العصر العباسي بثلاث مراحل أو ثلاثة أدوار:
1 - مرحلة التلقي:
وكانت في عصر الرسول والخلفاء الثلاثة من الراشدين، فقد كانت الظاهرة العامة لعلاقة المسلمين في هذه المرحلة بالحضارة الاسلامية وتفاعلهم معها صلة تلق وحفظ وتطبيق.
ومن طبيعة التلقي الذي يستلزم التطبيق أن لا يكون فيه التقنين العلمي في تأصيله وتفريعه وتحليلاته وتأويلاته لئلا تطول المسافة بين التعلم والتطبيق.
مضافا إلى انشغال الصحابة في هذه المرحلة بالغزوات والسرايا والفتوح لنشر الاسلام.
كما أن من العوامل الأخرى التي ساعدت على عدم الخوض في مثل هذه المسائل من قبل الصحابة في هذه المرحلة افتقادهم عنصر التحدي والإثارة، ففي هذه المرحلة لم يكن هناك تفاعل وصراع بين الحضارة الاسلامية والحضارات الأخرى بما يمثل ظاهرة واضحة وعامة.
2 - مرحلة التأسيس العلمي:
وبدأت في عهد حكم الامام أمير المؤمنين (ع) فكان - على سبيل المثال - ابن عباس يبذر بذور التفسير الاسلامي، وكان أبو الأسود الدؤلي بتوجيه من الامام يضع بدايات علم النحو العربي، وكان الامام في خطبه وأجوبته يرسخ قواعد العقيدة الاسلامية وينشر أفكارها بلغة وأسلوب عاملين بدورهما على تكوين علم التوحيد.
وكان هنا وهناك آخرون من الصحابة والتابعين يقومون بمثل هذه الاعمال التي تقوم بوظيفة وضع الأسس لاشادة بناء العلوم الاسلامية.
وفي هذه المرحلة كان الصحابة يثيرون. ويبحثون مشكلة القدر، وفي طليعتهم الامام أمير المؤمنين (ع) ولأنه من أهل البيت وصحابي أيضا يأتي عطاؤه قولا وفعلا في