خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ١٧٧
إلى المخصص العقلي القائل بان نسبة خلق أفعال الانسان الاختيارية إلى الله تعالى يلزم منه بطلان الأمر والنهي والطاعة والمعصية والثواب والعقاب وبعث الرسل وانزال الكتب.
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له * إياك إياك أن تبتل بالماء فتعلق الأوامر والنواهي الشرعية بافعال الانسان دليل على أن أفعاله مخلوقة له.
ونخلص من هذا إلى أن أفعال الانسان مستثناة من العموم بالتخصيص المذكور.
على أننا نستطيع أن نذهب إلى أن سلوك الانسان الاختياري بما أنه خاضع تشريعيا إلى الأوامر والنواهي الشرعية لا ينفك في وجوده عن تحققه في مجالين متلازمين هما:
1 - المجال الواقعي.
2 - المجال الاعتباري.
والفعل في المجال الواقعي هو من الله تعالى لأنه لا يتحقق في الواقع الخارجي الا عن طريق القوة التي أودعه الله تعالى في الانسان وبتغريز دوافعه الفطرية لايجاده في النفس الانسانية، وهو ما تسميه الآية الكريمة بالالهام (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها).
وفي المجال الاعتباري هو من الانسان وحده وهو ما تشير اليه الآية الكريمة: (إنا هديناه السبيل إما شاكرا واما كفورا)، وهو الذي يقال له طاعة ومعصية، وعليه يترتب الثواب والعقاب.
فالفعل خيرا كان أو شرا - وقع باختيار الانسان وبقدرته الانسانية.
ومن المعلوم أن قدرة الانسان مخلوقة لله تعالى، ومعلولة لقدرة الله سبحانه.
وبهذا التسلسل الطولي في العلل والمعلولات - الفعل معلول ومخلوق لقدرة الانسان مباشرة - وقدرة الانسان مخلوقة ومعلولة للقدرة الإلهية يكون الفعل بهذا التسلسل العلي مخلوقا لله تعالى.
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»