خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ١٧١
وقيل: هو حكاية عمن سبق ذكره قبل الآية وهم الذين يقولون ربنا لم كتبت علينا.
وتقديره:
وان تصب هؤلاء حسنة يقولوا: هذه من عند الله (1) أما قرينة السياق فهي اسناد فعل الإصابة إلى الحسنة والسيئة، ومعناه: ان الحسنة والسيئة هما اللتان وقعتا على الانسان وأصابتاه، فلو كانتا بمعنى الطاعة والمعصية لأسند فعل الإصابة إلى الانسان وأوقع على الحسنة والسيئة، فيقال: أصاب الانسان حسنة، وأصاب الانسان سيئة لان الانسان هو الذي يفعل الطاعة والمعصية.
وهذا هو أسلوب القرآن الكريم في استعمال الفعل المذكور، قال تعالى: (ولئن أصابكم فضل من الله) - النساء 73 -، وقال تعالى: (وان تصبك مصيبة) - التوبة 50 -.
فالفضل بمعنى الحسنة مفهوما واستعمالا، والمصيبة بمعنى السيئة مفهوما واستعمالا أيضا.
وعليه: لا تنافي بين الآيتين، كما أنهما ليستا من شواهد الجبر والاختيار، فالاستدلال غير ناهض بالاثبات.
ويرجع سبب الاستدلال بهما هنا إلى توهم ان المراد بالحسنة والسيئة في الآيتين: الطاعة والمعصية، وهذا من الخطأ في المنهج، كما أشرت.
2 - فصل الآية عن قرينة السياق التي تتدخل تدخلا مباشرا وأساسيا في بيان وتحديد المعنى المقصود منها.
وهذا كما في الآية: (والله خلقكم وما تعلمون) - الصافات 96 -.
فان الآية وردت في قصة النبي إبراهيم (ع) مع أصنام قومه، وفي السياق التالي: (فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون. ما لكم لا تنطقون. فراغ عليهم ضربا باليمين. فأقبلوا اليه يزفون. قال: أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون).

(1) م. ن 166.
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»