(من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا) - الكهف 17 -.
ذلك أن هذه الآيات متى قورنت مع تلك لا بد من التماس وجه آخر في تفسيرها غير ما يتراءى من ظاهرها من معنى للاضلال الذي هو ضد الهداية لأن حملها على هذا المعنى يتنافى وما ثبت بالبرهان القاطع من أن الله تعالى لا يظلم أبدا، ولا يأمر بغير الخير ولا يدل الا على هدى.
وقد وجهت بان المراد بها: ان الاضلال هنا بمعنى سلب عنايته تعالى وتوفيقه ممن يراه غير مستحق لهما فيقطع إفاضة الخير عليه والهداية اليه.
يقول الشيخ البلاغي: المراد من الاضلال في هذه الموارد هو قطع العناية عن المتمرد في جذبه إلى الايمان والصلاح، وذلك لأجل خروجه بتمرده عن كونه أهلا للعناية والتوفيق (1).
وقد ورد في غير دعاء من الأدعية المأثورة طلب العبد أن يشمله الله تعالى بعنايته الدائمة، كما في هذا الدعاء:
(يا حي يا قيوم برحمتك استغيث، لا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح شأني كله).
وإذا رجعنا إلى معجمات اللغة نتعرف معنى الاضلال لنرى ما يناسب الموضوع، وجدناها تذكر من معانيه ما يلي:
1 - أضله:
وجده ضالا، تقول: (أضللت الشئ) إذا وجدته ضالا، كما تقول: (أحمدته وأبخلته) إذا وجدته محمودا وبخيلا. ومنه الحديث: (ان النبي (ص) أتى قومه فأضلهم) أي وجدهم ضلالا غير مهتدين إلى الحق (2).
2 - أضله:
جعله ضالا.
فالآي التي ورد فيها الاضلال بصيغة الفعل الماضي (أضل) يمكن حملها على معنى