حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي - صائب عبد الحميد - الصفحة ٩٧
وهنا يثار:
1 - ما هو الميزان الذي يعرف به صدق الأخبار وكذبها؟
أيعرف ذلك من مساندتها للوضع السياسي في مرحلة من المراحل، وموافقتها لأهواء العامة ورغباتها؟ أم الصحيح أن يعرف صدقها أو كذبها من خلال معرفة أحوال الرواة أنفسهم، ومطابقتها لحقيقة أحوال الناس من صحابة وغيرهم؟
2 - أيما أكثر شناعة: الخبر الذي يفيد بأن صحابيا ما كان مائلا إلى الدنيا ولم يتوخ العدل في حكمه، أم الخبر الذي يصف الصحابي بأنه كان من أتباع اليهود والنصارى؟
إن الأخبار التي أعرض عن ذكرها هؤلاء المؤرخون وعدوها من أخبار أهل الأهواء الذين يأتون بالكلام الشنيع إنما كانت تضع الحق مع أبي ذر الغفاري وتصف خصومه السياسيين بالميل إلى الدنيا وعدم توخي العدل في الحكم..
أما الأخبار التي رواها الطبري وعنه ابن الأثير وابن خلدون فقد دافعت حقا عن خصوم أبي ذر، ولكنها وصفت أبا ذر بكل صراحة، ومن بعده عمار بن ياسر، بأنهما كانا أول المخدوعين باليهودي الزنديق عبد الله بن سبأ والمتأثرين بأفكاره، المندفعين وراءها في الفتنة!
فأي الخبرين أكثر طعنا على كبار الصحابة لو كان هذا هو الميزان المتبع في قبول الأخبار وردها؟
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 99 100 101 102 103 ... » »»