حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي - صائب عبد الحميد - الصفحة ٩٥
تلك المرحلة التي ابتدأت بوفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وانتهت بانتهاء معركة الجمل.. هذه المرحلة بطولها وضخامة أحداثها، لا شئ عنها في تاريخ الطبري إلا ما كان يقصه سيف.
حتى إذا توقفت رواية سيف مضى الطبري على هذه الوتيرة، لا يثبت في تاريخه أمرا لا يرتضيه العاذرون معاوية، فعندما وقف على المكاتبات التي جرت بين معاوية ومحمد بن أبي بكر، قال: كرهت ذكرها لما فيه مما لا يحتمل سماعه العامة (1)!
وهذا كلام صريح في تحديد هوية الثقافة التي حملتها العامة!!
إنها الثقافة التي تستقيم تماما مع ما يرويه العاذرون معاوية.. الثقافة التي اتهمت الطبري نفسه، مع تحفظه الشديد هذا، اتهمته بالتشيع!!
ثم جاء التابعون للطبري فنقلوا عنه ما كتبه، ثم زادوا على ذلك بأن ارتكبوا خطأ علميا وتاريخيا لا يغتفر، وذلك حين جزموا بصحة كل ما رواه الطبري من أحداث هذه السنين، وجزموا بكذب كل ما أعرض عنه الطبري من أخبارها، ذلك الأمر الذي تبرأ منه الطبري في مقدمة تاريخه إذ قرر أنه إنما يروي ما يرويه بذكر أسانيده الكاملة لتكون تبعاته على رواته لا عليه هو، وما على القارئ إلا أن ينظر في أحوال الرواة.
أما التابعون للطبري فقد عمدوا إلى هذه الأسانيد فحذفوها، ثم صححوا الروايات واعتمدوها..
- قال ابن الأثير في التعريف بكتابه (الكامل في التاريخ): ابتدأت بالتاريخ الكبير الذي صنفه الإمام أبو جعفر الطبري فلما فرغت منه أخذت غيره من التواريخ المشهورة فطالعتها وأضفت منها إلى ما نقلته من تاريخ

(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 99 100 101 ... » »»