حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي - صائب عبد الحميد - الصفحة ٩٢
مروان بذلك الكتاب، فقال عبد الملك: ما حاجتك أن تقدم بكتاب ليس لنا فيه فضل، تعرف أهل الشام أمورا لا نريد أن يعرفوها؟!
قال سليمان: فلذلك أمرت بتخريق ما نسخته (1)!
المشهد الثاني: حدث المدائني عن ابن شهاب الزهري أنه قال: قال لي خالد القسري (2): اكتب لي السيرة.
فقلت له: فإنه يمر بي الشئ من سير علي بن أبي طالب، فأذكره؟
قال: لا، إلا أن تراه في قعر الجحيم (3).
وكتب الزهري مغازيه، وجلها رواه عبد الرزاق في مصنفه، فمن قرأها وجد عليا رجلا غريبا على السيرة ليس له فيها خبر ولا أثر، مع أن الزهري لا يمر على أثر لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما إلا فصل فيه وزينه.
أما علي فلا ذكر له في مغازي الزهري: لا في العهد المكي بطوله، ولا في الهجرة، ولا في المؤاخاة، ولا في بدر، ولا في أحد، ولا في الخندق، ولا في خيبر، ولا حنين، ولا فتح مكة، ولا في غزوة تبوك، ولا في حجة الوداع، ولا في غير ذلك!
ومع هذا فإن الزهري كان يتهم شيخه الأول بالانحراف عن علي وبني هاشم!
فقد كان أكثر اعتماد الزهري في مغازيه على رواية شيخه عروة بن الزبير، وكانت أكثر رواية عروة عن أم المؤمنين عائشة، فيما كان الزهري

(١) الموفقيات / للزبير بن بكار: ٢٢٢.
(٢) والي مكة للوليد بن عبد الملك ثم لسليمان بن عبد الملك، ووالي العراق لهشام بن عبد الملك. سير أعلام النبلاء ٥: ٤٢٥.
(3) الأغاني 22: 21 أخبار خالد بن عبد الله القسري.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»