ثم اعلموا أنه إن نطق فوه بكلمة من بهلة لم نتدارك هلاكا، ولم نرجع إلى أهل ولا مال.
فنظرا فأبصرا أمرا عظيما فأينا أنه الحق من الله تعالى فزلزلت أقدامهما، وكادت أن تطيش عقولهما، واستشعرا أن العذاب واقع بهما.
فلما أبصر المنذر بن علقمة ما قد لقيا من الخيفة والرهبة قال لهما: إنكما إن أسلمتما له سلمتما في عاجله وآجله، وإن آثرتما دينكما وغضارة أيكتكما وشمختما بمنزلتكما من الشرف في قومكما فلست أحجر عليكما الضنين بما نلتما من ذلك، ولكنكما بدهتما محمدا صلى الله عليه وآله بتطالب المباهلة، وجعلتماها حجازا وآية بينكما وبينه، وشخصتما من نجران وذلك من تألككما، فأسرع محمد صلى الله عليه وآله إلى ما بغيتما منه، والأنبياء إذ أظهرت بأمر لم ترجع إلا بقضائه وفعله، فإذا نكلتما عن ذلك وأذهلتكما مخافة ما تريان، فالحظ في النكول لكما.
فالحوا يا إخوتي الوحا، صالحا محمدا صلى الله عليه وآله وأرضياه، ولا ترجيا ذلك ، فإنكما وأنا معكما بمنزلة قوم يونس لما غشيهم العذاب.
قالا: فكن أنت الذي تلقى محمدا صلى الله عليه وآله بكفالة ما يبتغيه لدينا، والتمس لنا إليه ابن عمه هذا ليكون هو الذي يبرم الأمر بيننا وبينه، فإنه ذو الوجه والزعيم عنده، ولا تبطئن به ما ترجع إلينا به.
وانطلق المنذر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: السلام عليك يا رسول الله، أشهد أن لا إله إلا الله الذي ابتعثك، وأنك وعيسى عبدان لله عز وجل مرسلان.
فأسلم وبلغه ما جاء له، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام لمصالحة القوم، فقال علي عليه السلام: بأبي أنت، على ما