بالسلطان وفق قوله تعالى (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان) [الرحمن / 33]، حيث يطرح القرآن علمية الاختراق الضخمة المفترضة هنا لقانون الجاذبية - وهي هنا للتمثيل وليس للحصر - على شكل إمكان كوني، وهذا الإمكان موضوع تحت تصرف الثقلين من الجن والإنس، ومعلوم أن هذه الإمكانية الممنوحة لهين الثقلين، إنما منحت فلسبب تكويني مرتبط مرة بقابلية الظاهرة الكونية للاختراق، لأنها لو لم تكن تتميز بهذه القابلية لكانت علمية خرق أقطار السماوات والأرض عملية مستحيلة، ولهذا لم يكن القرآن ليتحدث عنها (1)، وأخرى مرتبط بكونهما أعطوا سلفا نحوا من الولاية في أفعالهما (2)، وهو نفس المبدأ الذي جعل خطاب العبادة متوجه إليهما فحسب، دون سائر المخلوقات، وفق ما أشارت إليه الآية الكريمة: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) [الذاريات / 56]، وهذه الولاية في الوقت الذي مكنتهما من الاختيار ما بين العلل وموادها، هي نفسها التي تمنحهما القدرة على مضاعفة وتطوير هذا الاختيار، نتيجة
(١١٧)