المواسم والمراسم - السيد جعفر مرتضى - الصفحة ٨٠
متناقضة، ومتباينة، حتى الصحابة مع بعضهم البعض في كثير من المسائل، فما الذي يكون حجة منها؟ وكيف؟ مع أنه لم ينقل لهم رأي في ذلك، لا أنه قد نقل لهم رأي مخالف بالنسبة للأعياد.
5 - ولو سلم صلاحية منعهم من زيارة القبور للاستدلال به، فإنما يقتصر على مورده، وهو زيارة القبور فحسب، ولا يصلح للاستدلال به على تحريم الاحتفال بعيد الاستقلال مثلا..
6 - وأما قولهم: إن السلف كانوا أكثر حبا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منا فهو ينافي قول النبي (ص): إنه سيأتي أقوام يحبونه أكثر من حب أصحابه له، ونقل ذلك أيضا عن عمار بن ياسر. (1) 7 - هذا كله... عدا أنه لا يلزم على السلف أن يعملوا بجميع المباحات، أو حتى بجميع المستحبات.
8 - أضف إلى ذلك: أن السلف إذا تأولوا - خطأ - حديث: " لا تتخذوا قبري عيدا " على ذلك، فامتنعوا من عمل الموالد والذكريات. فلو أدركنا نحن خطأهم في فهم النص أو في الاستظهار منه كان لنا مخالفتهم، بعد أن فرضنا:
أن باب الاجتهاد كان ولا يزال مفتوحا، حسبما اعترف به ابن تيمية الذي حكم بالأجر لمن اجتهد في هذا الأمر وأخطأ.
9 - أما تفسير الآيات القرآنية... فقد جاء النص ليؤكد ويصرح بأن القرآن إنما يفهم مع تمادي القرون والأزمان حيث تتضح مداليله، وتظهر معالمه، فبعد أن روى ابن المبارك حديث: أنه ما من آية في كتاب الله إلا ولها ظهر وبطن، ولكل حد مطلع، قال: " سمعت غير واحد في هذا الحديث: ما في كتاب الله آية إلا ولها ظهر وبطن يقول: لها تفسير ظاهر، وتفسير خفي، ولكل حد مطلع. يقول يطلع عليه قوم فيستعملونه على تلك المعاني، ثم يذهب ذلك القرن، فيجئ قرن آخر، فيطلعون منها على معنى آخر، فيذهب ما كان عليه من كان قلهم، فلا يزال الناس على ذلك إلى يوم القيامة... الخ. (2)

1 - راجع: مجمع الزوائد / ج 10 / ص 66، عن أحمد والبزار والطبراني، عن أبي ذر وأبي هريرة عنه (ص)، وعن عمار بن ياسر، وكنز العمال / ج 2 / ص 374 عن ابن عساكر، عن أبي هريرة.
2 - الزهد والرقائق، قسم ما رواه نعيم بن حماد / ص 23، ولتوضيح ذلك لا بأس بمراجعة كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم / ج 1 / ص 200 - 216.
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»