المواسم والمراسم - السيد جعفر مرتضى - الصفحة ٧٥
مانعية الاختلاف في المولد وأما أن الاختلاف في مولده (ص) يوجب عدم جواز اتخاذ يوم مولده عيدا .. فهو عجيب بل وأعجب من عجيب، إذ أن معنى ذلك هو أن الاختلاف في يوم عرفة مثلا، أو في أول شهر رمضان، أو في أول شوال، بسبب الاختلاف في رؤية الهلال وعدمها يوجب عدم جواز الوقوف في عرفة، وصوم أول الشهر وإفطاره.. كما أن الاختلاف الحاصل في أكثر المسائل الفقهية يوجب الحكم بالحرمة فيها.. ولا أدري لماذا نشأت الحرمة عن ذلك، ولم ينشأ غيرها من الأحكام.. وكذلك الحال بالنسبة للاختلاف في ليلة القدر، كذلك الاختلاف في أول ما نزل من القرآن... فإنه ينبغي أن يوجب حرمة قراءة ما اختلف فيه في الصلاة، وكذلك ما اختلف في كونه مكيا أو مدنيا أو في السفر، أو الحضر، أو أنه نزل في شأن فلان، أو فلان الآخر، وهكذا..
أضف إلى ذلك.. أن من المعروف عند جميع الفقهاء، والمتشرعة: أن ما يقع فيه الاختلاف، مما كان من هذا القبيل، يمكن أن يؤتى به برجاء إدراك الواقع..
هذا كله... عدا عن أن القائل بجواز إقامة الاحتفالات لا يدعي أنها جزء من الدين، فلا بد من مراعاة خصوصياتها لذلك.. بل هو يقول: إنها من جملة الأشياء التي بقيت على الإباحة، حيث لم يرد فيها نهي، فمن شاء فعلها، ومن شاء، تركها، من دون أن يكون كل من الفعل أو الترك، ذا صفة تعبدية إطلاقا..
فتكون كسائر حركات الإنسان وأفعاله.. التي لم يرد فيها ما يوجب ترجيحا، أو تقبيحا. عدم الدليل العقلي.. والشرعي وأما الاستدلال.. بأن ذلك لم يرد به عقل ولا شرع.. فقد تقدم آنفا الجواب عنه وأن من يدعي المنع هو الذي يحتاج إلى الدليل.. وأما الآخرون، فهم لا يدعون أن ذلك - أعني الاحتفالات والموالد، ونحوها - من الشرع حتى يحتاجوا إلى الدليل المثبت لكونه قد ورد فيه تشريع بخصوصه.. كما أنهم لا يدعون كونها من الأحكام العقلية التي لا مفر منها ولا محيص عنها، بل هم يدعون عدم وجود
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»