المواسم والمراسم - السيد جعفر مرتضى - الصفحة ٩٢
(إقامة الذكريات والمواسم، بمناسبة يوم الاستقلال وفي الأيام التي هي مثل أيام ولادة عظمائهم، وغير ذلك من مناسبات، وقد تقدم توضيح ذلك.
ورابعا: بل إن ما نحن فيه داخل في قسم ما أمر الله سبحانه، حيث إن الاحتفالات بيوم مولد النبي (ص) أو أحد الأئمة (ع)، أو الاحتفال بيوم الهجرة أو يوم المبعث، أو حتى يوم عاشوراء، إلى غير ذلك من المناسبات إنما هو داخل تحت عناوين عامة ورد الأمر بها والحث عليها. وتقدم أن اختيار المكلف لمصداق العنوان العام لا يعد ابتداعا، ولا إحداثا في الدين، وإدخالا في أمره ما ليس منه. وقد تقدم توضيح ذلك في أوائل الفصل السابق فلا نعيد.
وتقدم أن ما ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم: " من سن سنة حسنة الخ..
" قد طبقه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على اختيار البعض لمصداق عنوان عام مأمور به، فيكون من شواهد ما ذكرناه آنفا.
وخامسا: قد تقدم قول بعض المانعين - وهو أبو بكر جابر الجزائري.
" إن الفطرة قاضية: أن الإنسان يفرح بالمولود يوم ولادته، ويحزن عليه يوم موته، فسبحان الله كيف يحاول الإنسان - غرورا - تغيير طبيعته ".
ونحن نوضح هذا الأمر هنا، بمقدار ما تسمح لنا به الفرصة، ويسعفنا به البيان.. فنقول: قضاء الفطرة والسجية الإنسانية إن مما لا شك فيه هو: أن الناس - كل الناس - يولون ما يرتبطون به عقائديا وفكريا وعاطفيا أهمية خاصة، وعلى أساس ذلك يتخذون مواقفهم، ويكون الفعل، ورد الفعل... والتأثير والتأثر، بصورة تلقائية، وعفوية وطبيعية.
وكذلك، فإن للناس بالنسبة لما يرفضونه، ويدينون به عقائديا، وفكريا، وعاطفيا موقفا آخر، وتأثيرا وتأثرا من نوع آخر كذلك.
وقد اعتاد الناس انطلاقا من احترامهم للمثل والقيم التي يؤمنون بها، على احترام الأشخاص الذين بشروا بها، وضحوا في سبيلها، وارتبطوا بهم عاطفيا وروحيا كذلك.. ورأوا: أن إحياء الذكرى لهؤلاء الأشخاص، لم يكن من أجل ذواتهم كأشخاص، وإنما من أجل أنهم بذلك يحيون تلك القيم والمثل في نفوسهم،
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»