وقد اقتضت الحكمة الإلهية أن يبقى هذا الدين محفوظا وإن رحل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الرفيق الأعلى، وقد أوكلت مهمة حفظ الدين إلى ذرية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعترته، وهم وراث علمه ومقامه الأئمة الاثنا عشر أولهم أمير المؤمنين (عليه السلام)، وآخرهم الحجة بن الحسن العسكري (عليه السلام)، وعلى ذلك قامت الأدلة والبراهين أيضا.
ونتيجة ذلك أنه كما أن نبوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عامة شاملة، فكذلك إمامة الأئمة (عليهم السلام) عامة وشاملة، ومعنى ذلك أن إمامة الأئمة (عليهم السلام) ليست مقتصرة على مجتمع معين أو عنصر معين، أو فئة من الناس معينة، فكما أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعث للأبيض والأسود على السواء، فكذلك إمامة الأئمة (عليهم السلام) لكافة الناس.
ومن هنا يتضح لنا وجه آخر في اقتران بعض الأئمة (عليهم السلام) بنساء غير عربيات بل من قوميات أخرى كالفارسية أو الرومية أو غيرهما، وقد وردت الروايات الدالة على ذلك. فإن أم الإمام السجاد (عليه السلام) كانت من أصل فارسي (1)، وكانت أم الإمام الكاظم (عليه السلام) من أشراف الأعاجم (2)، وكانت أم الإمام الرضا (عليه السلام) من أهل المغرب (3)، وكانت أم الإمام الجواد (عليه السلام) من أهل النوبة من قبيلة مارية القبطية أم إبراهيم ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكانت أفضل نساء زمانها، وأشار إليها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: بأبي ابن خير الإماء النوبية الطيبة (4)، وكانت أم الإمام الهادي (عليه السلام)