مولاي (عليه السلام) من الدنانير فاستوفاه، وتسلمت الجارية ضاحكة مستبشرة، وانصرفت بها إلى الحجيرة التي كنت آوي إليها ببغداد، فما أخذها القرار حتى أخرجت كتاب مولانا (عليه السلام) من جيبها وهي تلثمه وتطبقه على جفنها وتضعه على خدها وتمسحه على بدنها.
فقلت تعجبا منها: تلثمين كتابا لا تعرفين صاحبه؟! فقالت: أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحل أولاد الأنبياء، أعرني سمعك وفرغ لي قلبك، أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وأمي من ولد الحواريين، تنسب إلى وصي المسيح شمعون أنبئك العجب.... (1).
إلى غير ذلك من القضايا التي دلت على أن الأمر لم يكن بصورة عفوية، أو من القضايا الاتفاقية، بل كانت على وفق تخطيط إلهي محكم، وإن كانت لا تخرج عن ظاهرة الخضوع للأسباب المتعارفة، والتي كانت يبدو فيها أن الأمر طبيعي جدا.
أقول: لا يبعد أن يكون هذا أحد الأسباب التي دعت إلى أن تكون أمهات بعض الأئمة (عليهم السلام) من الجواري.
وحيث أن أم الإمام الرضا (عليه السلام) كانت إحدى الجواري، وإنما وقع اختيار الإمام الكاظم (عليه السلام) عليها لأنها كانت ذات شرف ومكانة وطهر وعفاف، ولما كانت السيدة فاطمة شقيقة الإمام الرضا (عليه السلام) حيث يتحدان في الأب والأم يتبين أن أمها لم تكن امرأة عادية من سائر