ولئن جرت الدواهي عليهم تشتت شملهم وتفرقهم في أطراف البلدان، وكان ذلك عند الله عظيما، ولكن لعل في ذلك سرا خفيا حيث تكون مراقدهم الشريفة مواطن الرحمة، والخير والبركة، يلجأ إليها العاني، ويقصدها المحتاج، ويلوذ بها المضطر.
وهكذا كانت كريمة أهل البيت (عليهم السلام) السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) فقد شاءت المقادير الإلهية أن ترحل عن هذه الدنيا في بلدة نائية عن موطن الآباء والأجداد لتكون بابا من أبواب الرحمة إلى العباد، وملاذا يؤمها ذوي الحاجة والاضطرار، وسببا من أسباب اللطف الإلهي للمؤمنين والأخيار.
وأسلمت روحها إلى بارئها راضية مرضية، ولم يتجاوز عمرها الشريف - على أقصى التقادير - الثلاثين ربيعا، وكان ليوم موتها شأن عظيم.
وما أفلت تلك الشمس التي أطلت على مدينة قم بعد سبعة عشر يوما من دخولها إليها إلا لتشرق من جديد، وليكون مثواها موئلا وملاذا ومطافا، وتصبح السيدة فاطمة علامة تحول في تاريخ هذه البلدة وأهلها، ويكون حرمها مصدر خير وبركة لهم ولمن يقصدها من سائر البلدان من شتى بقاع الأرض، منذ يوم وفاتها وإلى يوم الناس هذا.
وذكر بعض الرواة أنها لما توفيت أمر موسى بتغسيلها وتكفينها