الثقلان - السيد محسن الحائري - الصفحة ٢٣
وفي نص رواه ابن بابويه بسنده عن حذيفة بن اليمان، قال في آخره: ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده إلى السماء ودعا بدعوات، وسمعته يقول: " اللهم اجعل العلم والفقه في عقبي وعقب عقبي وفي زرعي وزرع زرعي " (1).
وإن عموم المنزلة في المعادلة، يقتضي بوضوح أن العترة الطاهرة هم - كما كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الحاكم على المسلمين في حياته - فهم الولاة على الناس من بعده، وإلا لم يكونوا منزلين منزلته في كونهم عدلا للقرآن، وفي مرجعيتهم للناس يردون إليهم أمر الدين، فهم الخلفاء عن الرسول، بهذا النص الصحيح المقبول.
وأخيرا: فإن مقارنة العترة بالكتاب في الخلافة، فيها الدلالة الواضحة على وجوب الرجوع إليهم في أخذ معالم الدين، وعلى أن الأمر ليس مجرد مسألة الحب والود، بل هو أمر مرجعية واتباع والتزام واجب لا محيص عنه، كما هو في اتباع القرآن من عدم جواز النكول والرد، أو الإعراض عنه، ووجوب اتباع أحكامه ومراجعة آرائه.
وليس تحديد المعنيين بالعترة، وبأهل البيت عليهم السلام، بعد هذه القيود والأوصاف، أمرا مشكلا، إذ لا تجتمع إلا في الأئمة الاثني عشر، فليس المعصوم غيرهم، وليس الأعلم بالمعارف الإسلامية، سواهم، حتى لو كان من أهل البيت والذرية الشريفة.
وهم ملاك الحجية في إجماع أهل البيت عليهم السلام على شئ إن حصل، كما أنه لا يضرهم خلاف غيرهم لو وقع، فإن الحق يدور مدارهم، كما هو المفهوم من

(1) غاية المرام (ب 29) الحديث (2) ص 218.
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»