الثقلان - السيد محسن الحائري - الصفحة ٢٠
وجهها ما نصه: تسميته عليه الصلاة والسلام الكتاب والعترة بالثقلين، وواحدهما ثقل، وهو متاع المسافر الذي يصحبه إذا رحل، ويسترفق به إذا نزل: أقام عليه الصلاة والسلام " الكتاب والعترة " مقام رفيقه في السفر، ورفاقه في الحضر، وجعلهما بمنزلة المتاع الذي يخلفه بعد وفاته، فلذلك احتاج إلى أن يوصي بحفظه ومراعاته.
وقال بعض العلماء: إنما سميا ثقلين، لأن الأخذ بهما ثقيل.
وقال بعضهم: إنما سميا بذلك، لأنهما العدتان اللتان يعول الدين عليهما، ويقوم أمر العالم بهما، ومنه قيل للإنس والجن " ثقلان " لأنهما اللذان يعمران الأرض ويثقلانها (1).
دلالة الحديث:
إن المسلمين - في عصر الرسالة الأزهر - كانوا معتمدين في معرفة معالم الدين الحنيف على الأخذ من كتاب الله العظيم: القرآن، حيث كانت تنزل آياته على الرسول الأكرم وحيا محكما من لدن عليم حكيم، فيبينها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للأمة، فيعرفون دلالاتها، ويلمسون إعجازها، ويعتقدون بعصمتها (ذلك الكتاب لا ريب فيه) و (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) ويعتمدون على الأخذ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصادع بالوحي ورسالته، وهو المفسر للقرآن، العالم به والناطق عنه، كما ارتضاه الله للإخبار بالغيب الذي لا يعلمه سواه، فاجتباه واصطفاه، وجعل كلامه بمنزلة الوحي في الحجية، بلا ريب كذلك، إذ هو المعصوم الذي (ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى).
وقد أوجب الله على الأمة المسلمة الرد إلى الله - يعني إلى كتابه - وإلى الرسول، إذا تنازعوا في شئ، في حال حياته.

(١) المجازات النبوية (ص 218 - 219) الحديث رقم (176).
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»