الوضوء، في حين أفتى جميع فقهاء الشيعة بوجوب مسحها. وعلى فرض المسح، فهل يجب مسح جميع القدم؟ أم لا يجب ذلك ويكفي المسح من رؤوس الأصابع حتى الكعبين؟
وقبل الخوض في البحث، أود ان الفت انتباه الاخوة المحترمين المخاطبين بهذه الرسالة - وأغلبهم من علماء أهل العامة - إلى النقاط الآتية:
أ) إن أغلب العقائد والاعمال التي تعد اليوم من المسلمات المذهبية، لم تكن كذلك على عهد الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، بل لجيل أو جيلين بعدهم. و الواقع انه كان هناك خلاف بين الفقهاء والعلماء الماضين بشأن أكثر هذه المسائل.
غير انه وبمرور الزمان واثر بعض العوامل السياسية والعملية وغيرها، أتيحت الفرصة لبعض الآراء (وأحيانا رأي واحد) ان تستحوذ وتسيطر على سائر الآراء.
ومن الطبيعي، في ظل هذه الأجواء التي تشيع حالة من الخوف والرعب ان يتصدى البعض وربما كان من الخواص والعلماء للاتيان بما لا يحصى من الأدلة و البراهين لدعم نظرية خاطئة سائدة في الأوساط مهما كلفهم ذلك (وان كانت تلك الأدلة جوفاء خاوية).
وسر القضية هو ان هؤلاء الافراد قد ترعرعوا منذ البداية في ظل تلك الأجواء واعتادوا عليها، وهذا ما لمسوه في أفراد مجتمعهم آنذاك، الامر الذي جعل من الصعب والمتعذر عليهم مفارفة تلك التصورات والآراء والعادات الخاطئة، سيما بما يحملون من الرواسب التي كانت تعيش في أعماقهم وأفكارهم، بيد ان الانصاف و التعقل يطالبنا بانقاذ أنفسنا من هذا المستنقع الآسن، وان يكون نزوعنا للشئ قائما على أساس الفكر الحر والمنطق السليم. والموضوع الذي بين أيدينا يعد أوضح مصداق لهذه المسألة.