يعذرون أحدا، ولا يتقون الله في ظن مرجوح. وهناك بعض آخر لا يستطيع العيش إلا بالطعن على المخالف، ونسيان محاسنه وكتمانها، فهؤلاء وأمثالهم تكفل الإمام الذهبي بالرد عليهم في سفره العظيم سير أعلام النبلاء.
وقلت أيضا: هذا قول وكل يؤخذ من كلامه ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم... وهذا الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله على تقشفه وعظم منزلته في الدين وورعه قد أدخل عن يزيد بن معاوية في كتابه الزهد أنه كان يقول في خطبته: (إذا مرض أحدكم مرضا فأشقى، ثم تماثل فلينظر إلى أفضل عمل عنده فليلزمه ولينظر إلى أسوأ عمل عنده فليدعه). (العواصم من القواصم ص 245) وهذا لا يتعارض مع ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية نقلا عن الإمام أحمد عندما سئل أتكتب الحديث عن يزيد؟ قال: لا ولا كرامة، أو ليس هو الذي فعل بأهل المدينة ما فعل. (سؤال في يزيد ص 27). وكأن رفض الإمام أحمد رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه ليس دليلا على فسقه، وليس كل مجروح في رواية الحديث لا تقبل أقواله، فهناك عشرات من القضاة والفقهاء ردت أحاديثهم وهم حجة في باب الفقه. (في أصول تاريخ العرب الإسلامي، محمد محمد حسن شراب - 152). وهذا يدل على عظم منزلته أي يزيد بن معاوية عنده حتى يدخله في جملة الزهاد من الصحابة والتابعين الذين يقتدى بقولهم ويرعوى من وعظهم، وما أدخله إلا في جملة الصحابة قبل أن يخرج إلى ذكر التابعين، فأين هذا من ذكر المؤرخين له في الخمر وأنواع الفجور، ألا يستحيون؟! وإذا سلبهم الله المروءة والحياء، ألا ترعوون أنتم وتزدجرون وتقتدون بفضلاء الأمة، وترفضون الملحدة والمجان من المنتمين إلى الملة. العواصم ص 246...