وكان خطر هذه الحادثة لا يقتصر على تأثيرها المباشر على المجتمع المسلم في ذلك الوقت فقط، بل يتعداه إلى أبعد من ذلك حتى يومنا هذا، حيث يمثل نقطة خطيرة لانحراف طائفة ترى محبته وموالاته فقط، وتكفير الأمة بسببه، ومن ثم تتخذ من هذه الحادثة مادة لتأجيج المشاعر ضد أهل السنة بأجمعهم، وكأنهم هم السبب الحقيقي لمأساته رضوان الله عليه.
لقد كان موقف الحسين من بيعة يزيد بن معاوية هو موقف المعارض، وقد شاركه في هذه المعارضة عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، غير أنهما لم يبديا أسبابا واضحة لممانعتهما بالبيعة، أقصد بذلك: أنهما لم يتهما يزيد في سلوكه، ولم يأتيا بأمور واضحة تطعن في تأهله للخلافة، فيبقى السبب الرئيسي، وهو إرادة الشورى، في حين أن ابن عمر وضح السبب، وهو أن هذه الطريقة في أخذ البيعة لا تشابه طريقة بيعة الخلفاء الراشدين. (تاريخ أبي زرعة 1 / 229، وتاريخ خليفة - 214)، بإسناد صحيح.
وبالفعل أرسل ابن عمر البيعة مباشرة عندما توفي معاوية رضي الله عنه. وإن تلك الممانعة الشديدة من قبل الحسين بن علي، هي أنه أحق بالخلافة من غيره، وكان يرى أن الخلافة صائرة إليه بعد وفاة معاوية، وكان مؤدى هذا الشعور تلك المكانة التي يتبوأها الحسين في قلوب المسلمين، ثم اطمئنانه بالقاعدة العريضة من المؤيدين له في الكوفة وغيرها، فليس من الغريب أن يقف الحسين في وجه بيعة يزيد ويرفضها رفضا شديدا وبكل قوة، ولهذا قال الذهبي في السير: 3 / 291: ولما بايع معاوية ليزيد تألم الحسين:
بعد أن توفي معاوية رضي الله عنه وبويع ليزيد بالخلافة في الشام، كتب يزيد إلى والي المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان أن يدعو الناس للبيعة وأن