وقد كان في قتال أهل الحرة كفاية، ولكن تجاوز الحد بإباحة المدينة ثلاثة أيام فوقع بسبب ذلك شر عظيم كما قدمنا، وقد كان عبد الله بن عمر بن الخطاب وجماعات أهل بيت النبوة ممن لم ينقض العهد ولا بايع أحدا بعد بيعته ليزيد، كما قال الإمام أحمد، حدثنا إسماعيل بن علية، حدثني صخر بن جويرية عن نافع قال: لما خلع الناس يزيد بن معاوية جمع ابن عمر بنيه وأهله ثم تشهد ثم قال: أما بعد فإنا بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله وإني سمعت رسول الله يقول: إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة يقال هذه غدرة فلان، وإنه من أعظم الغدر إلا أن يكون الإشراك بالله أن يبايع رجل رجلا على بيع الله ورسوله ثم ينكث بيعته، فلا يخلعن أحد منكم يزيد ولا يسرفن أحد منكم في هذا الأمر، فيكون الفيصل بيني وبينه.
وقد رواه مسلم والترمذي من حديث صخر بن جويرية، وقال الترمذي حسن صحيح. وقد رواه أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن أبى سيف المدائني عن صخر بن جويرية، عن نافع عن ابن عمر، فذكره مثله.
وقد روى أن يزيد كان قد اشتهر بالمعازف، وشرب الخمر، والغناء، والصيد، واتخاذ الغلمان، والقيان، والكلاب، والنطاح بين الكباش والدباب، والقرود، وما من يوم إلا يصبح فيه مخمورا. وكان يشد القرد على فرس مسرجة بحبال ويسوق به. ويلبس القرد قلانس الذهب، وكذلك الغلمان!! وكان يسابق بين الخيل، وكان إذا مات القرد حزن عليه. وقيل إن سبب موته أنه حمل قردة وجعل ينقزها فعضته، وذكروا عنه غير ذلك. والله أعلم بصحة ذلك.