البيت عليهم السلام.. لقد أسرف معاوية في إرهاب الناس وإرهاقهم، فأذاق بعضهم كأس الحمام، وأودع البعض الآخر منهم في ظلمات السجون، وقد ذاقت شيعة الإمام علي (ع) العناء والمحن والخطوب ما تنوء بحمله الجبال، وما نحسب أن أمة من الأمم لاقت من الأذى والاضطهاد كما لاقته شيعة أهل البيت (ع). وكان أشدهم بلاءا وأعظمهم عناءا ومحنة وشقاءا أهل الكوفة، وقد استعمل عليهم معاوية زياد ابن أبيه بعد هلاك المغيرة بن شعبة، وكان بهم خبيرا، فأشاع فيهم الفتك والإعدام، وقتلهم تحت كل حجر ومدر، وقطع أيدهم وأرجلهم وسمل عيونهم، وصلبهم على جذوع النخل وشردهم وطاردهم، (ابن أبي الحديد في شرحه 3 / 15) ونفاهم من أرضهم وديارهم. ورفع معاوية مذكرة إلى جميع عماله وولاته جاء فيها: انظروا إلى من قامت عليه البينة أنه يحب عليا وأهل بيته فامحوه من الديوان وأسقطوا عطاءه ورزقه، ثم شفع ذلك بنسخة أخرى جاء فيها: ومن اتهمتوه بمولاة هؤلاء القوم فنكلوا به واهدموا داره...
ويقول المؤرخون: دخل معاوية الكوفة ودخل معه الحسن بعد أن اتفق الطرفان على أن يكون الاجتماع هناك، وأن معاوية حين بلغ النخيلة خطب خطبة مطولة قال فيها مخاطبا أهل الكوفة: (والله إني ما قاتلتكم لتصلوا ولتصوموا ولتحجوا ولا لتزكوا، إنكم لتفعلون ذلك ولكني قاتلتكم لأتأمر عليكم، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون ألا وإني كنت منيت الحسن وأعطيته أشياء وجميعها تحت قدمي لا أفي بشيء منها). ابن أبي الحديد.
وفي رواية المدائني خطب معاوية أهل الكوفة فقال: (أتراني قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحج، وقد علمت أنكم تصلون وتزكون وتحجون، ولكني