هذه خلاصة الأخطار الفظيعة التي أصيبت بها (المقدمة) فأوجبت انهيارها وأماتت نشاطها وأصبحت لا قدرة لها على مواجهة الأحداث، ولا قابلية لها على الدفاع ورد العدو الغادر الذي يتمتع بأتم القابليات العسكرية وأضخم الطاقات الهجومية، وبعد هذه الكوارث التي فتكت بالمقدمة.
هل يصح أن يقال: أنها جبهة قوية لها القدرة على مناجزة العدو معاوية؟ وهل يمكن للإمام الحسن عليه السلام المجازفة بالبقية الباقية من أهل بيته والعناصر الخيرة من أصحابه وأصحاب أبيه المخلصين الثابتين، وتقديمهم طعما لنار الحرب والسيوف والأسنة، ما اعتقد أي إنسان له ذرة من العقل والتدبير يقدم على ذلك، فكيف بإمام معصوم مسدد من السماء.
ولم تذكر لنا المصادر التاريخية نصا صريحا ومتناسقا لكتاب الصلح، الذي يعتبر الوثيقة التاريخية لنهاية مرحلة من أهم مراحل التاريخ الإسلامي في عصوره الأولى، ولا نعرف سببا وجيها لهذا الإهمال.
وقد اشتملت المصادر المختلفة على ذكر بعض النصوص، مع إهمال البعض الآخر، ويمكن أن يؤلف من مجموعها صورة الشروط التي أخذها الإمام الحسن (ع) على معاوية في الهدنة، وقد نسقها بعض الباحثين وأوردها على صورة مواد خمس، ونحن نوردها هنا كما ذكرها هي:
1 - تسليم الأمر إلى معاوية علي أن يعمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله.
2 - أن يكون الأمر للحسن عليه السلام من بعده، فإن حدث به حدث فلأخيه الحسين عليه السلام، وليس لمعاوية أن يعهد إلى أحد.
3 - أن يترك سب أمير المؤمنين والقنوت عليه بالصلاة، وأن لا يذكر عليا إلا بخير.
4 - استثناء ما في بيت مال الكوفة، وهو خمسة آلاف ألف، فلا يشمله تسليم الأمر، وعلى معاوية أن يحمل إلى الحسن ألفي ألف درهم، وأن يفضل بني هاشم في العطاء والصلات