ومن أحاط علما بما ذكرت علم كم صحب ذلك من النهي الشديد والتخويف والتهديد، وقد تلاحقت أقلام في ذلك كان من آخرها رسالة باسم (الأخطاء الأساسية في توحيد الألوهية الواقعة في فتح الباري). شنع فيها صاحبها على الحافظ ابن حجر لتجويزه التوسل وقوله باستحباب الزيارة، وهذا غاية في الغلو والتعصب والجهل! فيا للعار والشنار قاضي قضاة المسلمين وشيخ المحدثين وإمامهم ومفخرة المسلمين أحمد بن حجر العسقلاني رحمه الله تصنف بدون حياء رسالة تحوي هذا المعنى الذي لا يدل إلا على مبلغ انحراف مصنفها المسكين ومن دله عليها، على جماعة المسلمين ... ولكن أهل الفضل لا يكترثون بمصنف تألف، فغايته أنه صرير باب أو طنين ذباب، ولا يضر البحر العظيم أمثاله ما يضر البحر أمسى زاخرا أن رمى فيه غلام بحجر. ولو كتبت مثل هذه الرسالة في عصر انتشار العلم والعناية بأهله لكان للقضاء وللعلماء موقف آخر من هذا المتطاول وأمثاله..
وقد استعنت بالله تعالى على تحقيق الحق في الأحاديث الواردة في التوسل والزيارة، وأردت أن أسلك فيه سبيل الإنصاف، وبعدت فيه عن المحاباة والتعصب والاعتساف وتقيدت بقواعد الحديث الشريف.
والغرض من هذا المصنف بعد بيان الحق في الأحاديث، هو أن الخلاف في مسألة التوسل هو خلاف في الفروع ومثله لا يصح أن يشنع أخ به على أخيه أو يعيبه به، وأن من قال به وهو التوسل بالأنبياء والأولياء متمسك بأدلة ثابتة ثبوت الجبال الرواسي وردها لا يجئ إلا من متعنت أو مكابر، فإن لم تقنع