الأنبياء والصالحين بعد دخول الجنان ورضى الرحمن وزوال كل ما فيه نقص وملام وحصول كل ما فيه رحمة وسلام حتى استقر بهم القرار (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار).
الشبهة الثانية: هل هذا يخالف التأسي بهم والاقتداء؟
والقول الذي عليه جمهور الناس وهو الموافق للآثار المنقولة عن السلف إثبات العصمة من الاقرار على الذنوب مطلقا، والرد على من يقول: إنه يجوز إقرارهم عليها. وحجج القائلين بالعصمة إذا حررت إنما تدل على هذا القول وحجج النفاة لا تدل على وقوع ذنب أقر عليه الأنبياء، فإن القائلين بالعصمة احتجوا بأن التأسي بهم مشروع وذلك لا يجوز إلا مع تجويز كون الأفعال ذنوبا. ومعلوم أن التأسي بهم إنما هو مشروع في ما أقروا عليه دون ما نهوا عنه ورجعوا عنه، كما أن الأمر والنهي إنما تجب طاعتهم في ما لم ينسخ منه، فأما ما نسخ من الأمر والنهي فلا يجوز جعله مأمورا به ولا منهيا عنه فضلا عن وجوب اتباعه والطاعة فيه.
وقولهم هذا يكون صحيحا، لو بقيت معصية الرسول ظاهرة ومختلطة بالطاعة، أما وأن الله ينبه رسله وأنبياءه إلى ما وقع من مخالفات ويوفقهم إلى التوبة منها من غير تأخير، فإن ما أورده لا يصلح دليلا، بل يكون التأسي بهم في هذا منصبا على الاسراع في التوبة عند وقوع المعصية، وعدم التسويف في هذا تأسيا بالرسل والأنبياء الكرام في مبادرتهم بالتوبة من غير تأخير.
تنبيه مهم: على أنه لا يجوز لنا أن نأخذ في موضوع ذنوب الأنبياء إلا ما صح في الكتاب والسنة فقط، وأما ما يرويه اليهود والنصارى وبعض