إليهم إلا شيئا قد نسخ (سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله), (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها). وكما أن الرسول صلى الله عليه وسلم معصوم فيما بلغه عن الله تعالى فهو معصوم في ما شرعه للأمة بإجماع المسلمين، وهذه العصمة الثابتة للأنبياء هي التي يحصل بها مقصود النبوة والرسالة فإن النبي هو المنبئ عن الله والرسول هو الذي أرسله الله تعالى وكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا، والعصمة في ما يبلغونه عن الله ثابتة فلا يستقر في ذلك خطأ باتفاق المسلمين، قال تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك.. والله يعصمك من الناس) (لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه) (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)، (ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين).
وبعصمتهم أيضا بما يستقر عليه أمرهم، فقد يجتهد النبي أو الرسول في أمر ما ثم يأتي حكم الله عز وجل بالتأييد أو التصحيح لما جاء عن الرسول، وعند ذلك لا يصح لنا الاقتداء بالسابق مما جاء عن الرسول إذا جاء ما ينسخه من الله ومن ذلك قوله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم: (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم)، فهل يجوز لنا تحريم ما أحل الله على أنفسنا؟
(ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم) مع أن يونس نبي من أنبياء الله (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عليم حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم).