فيما يراد بالمرتبة الثانية من الإيمان ما هو فوق التصديق من الاقرار باللسان والعمل بالأركان، أي التزام مبادئ الشريعة الإسلامية وأحكامها، من أداء الواجبات والعمل بالطاعات وتجنب المنكرات والشبهات، وهذا هو الإيمان الممدوح في القرآن والسنة.
وهذه المرتبة الأخيرة من الإيمان هي التي ستكون محل الاهتمام في هذا الكتاب، دون المرتبة الأولى.
المبحث الثاني: حقيقة الإيمان:
إن حقيقة الإيمان في هذا الوجود هي أكبر وأكرم الحقائق. لم تدركها النفوس عن طريق دائرة الحس الضيقة، فليست هي بحقيقة مادية تدرك بالحواس المعروفة ولكن هي حقيقة معنوية علوية تدركها القلوب السليمة، فتأخذ النفوس من أقطارها، وتظهر ثمارها الطيبة نظافة في الشعور ورفعة في الأخلاق واستقامة في السلوك.
تلك الحقيقة التي تتجسد في نفوس المؤمنين من خلال مظاهر عديدة، يمكن الإشارة إلى أبرزها اهتداء بقبس من نور النبوة وحماة منهجها، وهي:
أولا: التسليم لله تعالى والرضا بقضائه: يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم):
(إن لكل شئ حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه) (1).