بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة المركز الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين.
لم يعد الحديث عن الإيمان حديثا تكراريا، ولا خطابا " رجعيا " كما كان يذاع من قبل الدعوات المادية وهي في ذروة تصاعدها وفي طور التأسيس لكياناتها المستقلة، لم يعد كذلك بعد أن وجدت هذه الدعوات نفسها مضطرة إلى استعارة الكثير من قيم الإيمان ومبادئه السامية.. ذلك حين أثبتت لها تجارب الحياة أن دعوتها المادية إنما هي " مثالية " من نمط آخر، إذ أنها كانت تريد أن تصنع انسانا غير هذا الإنسان، أو أنها كانت تظن أن ما جاءت به الأديان إنما هو محض خرافة، فلما عركتها التجارب أدركت بأنها غارقة في خيال بعيد حين خيل إليها إن الإنسان ما هو إلا كتلة من اللحم والدم والعظام التي يجب أن تعيش في إطار هذه المكونات - ولأجلها وحسب - فمن الطبيعي أن تهزم مثل هذه الأفكار أمام طبيعة الإنسان الثنائية التي لا يمكن إلغاء إحدى قطبيها بحال من الأحوال.. فلم يعد الإيمان إذن حديث خرافة إنما هو حديث طبيعة الإنسان وطبيعة الحياة أيضا.
ومن ناحية أخرى، عندما ندقق النظر، نجد أن القرآن الكريم حين تحدث عن الإيمان، فقد تحدث عنه في أبعاد متعددة، ولم يجعله حديثا تأنس به الروح في يومها من أجل أن تطمئن لغدها، أنسا صوفيا وحسب.
لقد تحدث القرآن عن الإيمان كقضية فرد يرجو لقاء ربه والفوز في الحياة الآخرة: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) *.
* (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) *، * (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) *.
وتحدث عنه كقضية مجتمع وأمة، لها دورها الأكبر في تقرير مصيرها الحضاري