فوعظتني) (1).
ثالثا: الإيثار: وهو خصلة كريمة ترفع الإنسان إلى أعلى مراتب الإيمان، فحينما يرتفع الإنسان فوق (الأنا) ويضع مصلحة الآخرين فوق مصلحته الخاصة، فلا شك أنه قد قطع شوطا إيمانيا يستحق بموجبه الدرجات الرفيعة. وقد مدح تعالى أولئك الذين يخرجون من دائرة (الأنا) الضيقة على الرغم من ضيق ذات اليد إلى دائرة أسمى هي دائرة الإنسانية، فقال عز من قائل: * (.. ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة..) * (2).
وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من أشد الخلق حرصا على تلك الفضيلة السامية، حتى ورد في الخبر أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ما شبع ثلاثة أيام متوالية حتى فارق الدنيا، ولو شاء لشبع ولكنه كان يؤثر على نفسه (3).
وبلغ وصيه الإمام علي (عليه السلام) القمة في الإيثار، وقد ثمنت السماء الموقف التضحوي الفريد الذي قام به عندما بات على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (.. فأوحى الله إلى جبرئيل وميكائيل إني آخيت بينكما وجعلت عمر الواحد منكما أطول من عمر الآخر فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة فاختار كلاهما الحياة. فأوحى الله عز وجل إليهما أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب آخيت بينه وبين محمد فبات على فراشه يفديه بنفسه فيؤثره بالحياة فأنزل الله تعالى: * (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف