ومن هنا يؤكد الأئمة (عليهم السلام) على أن الإيمان كل لا يتجزأ، ويرتكز على ثلاث مقومات: الاعتقاد والإقرار والعمل.
فعن أبي الصلت الهروي، قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن الإيمان، فقال (عليه السلام):
(الإيمان عقد بالقلب ولفظ باللسان، وعمل بالجوارح، ولا يكون الإيمان إلا هكذا) (1).
تأمل جيدا في العبارة الأخيرة من الحديث (... ولا يكون الإيمان إلا هكذا) فهي خير شاهد على النظرة الشمولية غير التجزيئية للإيمان التي تتبناها مدرسة أهل البيت (عليهم السلام).
ولم تنطلق تلك النظرة من فراغ، أو جراء التأثر بالمدارس الكلامية، وإنما هي ربانية التلقي نبوية التوجيه، قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): (الإيمان والعمل شريكان في قرن، لا يقبل الله تعالى أحدهما إلا بصاحبه) (2).
ثم أن هذه النظرة الشمولية للإيمان - بمقوماتها الثلاثة - تستقي من منابع قرآنية صافية، يقول العلامة الراغب الأصفهاني: " والإيمان يستعمل تارة اسما للشريعة التي جاء بها محمد عليه الصلاة والسلام وعلى ذلك:
* (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين) * (3) ويوصف به كل من دخل في شريعته مقرا بالله وبنبوته، قيل وعلى هذا قال تعالى: * (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) * (4) وتارة يستعمل على سبيل المدح ويراد